أخبار حلب _ سوريا
بقلم: طلال ماضي
من يراقب زحف العتمة في سوريا المستمر منذ عام 2012، والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي؛ يجد أن العتمة تزداد، وطريق الفجر طويل جداً طالما الجهل حارس على الفرص الضائعة.
ومن الفرص الضائعة أيضاً ساعات الشمس الطويلة التي تسطع على البلاد في العام مقابل ساعات الظلام الطويلة، والتي تزداد ويزداد معها زيادة تجارة الأمبيرات، وزرع المولدات في الشوارع، وزراعة ألواح الطاقة الشمسية، والأموال المهدورة ثمن الألواح والمدخرات، والغش الكبير الذي تفوق على أسس ومعايير اعتماد مخابر اللواقط الشمسية والمعرجات والبطاريات.
لماذا ندفع للأمبيرات ولا ندفع لوزارة الكهرباء؟
لا أحد ينكر التشوّه البصري الذي تركته الأمبيرات والشبكات في الشوارع، والمصاريف الكبيرة لتوليد الكهرباء من مدخرات موزعة في الشوارع مقابل بيع الأمبيرات لكل كيلو 9000 ليرة في التسعيرة الرسمية؛ بينما في الواقع المواطن يدفع أضاعف الرقم، والسؤال إذا كانت شبكات الكهرباء موجودة في سورية ومنظمة بطريقة مقبولة، لماذا نحن بحاجة إلى أن ندفع للأمبيرات؟ ولا ندفع للشبكة الأساسية للكهرباء؟
الجواب واضح لدى وزارة الكهرباء نحن نحتاج إلى 6 آلاف ميغا كهرباء، والمتوفر فقط ألفين ميغا يعني نحن بحاجة إلى توليد 4 الاف ميغا ولا يوجد إمكانية أي المشكلة مادية وليست فنية.
حصة المشترك من إجمالي الاستهلاك 16600 ليرة شهرياً
وفي عملية حسابية بسيطة إذ أن تكلفة كل واحد ميغا 10 ملايين عند تجارة الأمبيرات ستكون تكلفة 6 آلاف ميغا بحدود 60 مليار ليرة يومياً، وعدد المشتركين بالكهرباء في سوريا بحدود 3.600 ملايين مشترك فحصة كل مشترك في اليوم 16600 ليرة من إجمالي الاستهلاك، سيدفعها زيادة من أجل وصل التيار الكهربائي على مدار الساعة عن طريق الأمبيرات.
وفي حال وزعنا هذا المبلغ على الاستهلاك، وتركنا للشريحة الواسعة تستهلك حتى 500 كيلو في الشهر بسعر 25 ليرة لكل كيلو أي شهرياً 12500 ليرة سنوفر على هذه الشريحة شراء مدخرة كل عام بسعر 450 ألف ليرة في الحد الأدنى من دون ليدات، أي كل شهر سنوفر عليها 37 ألف ليرة، ونحن قدمنا لها الكهرباء والإنارة، ووفرنا عليهم ضعف النظر، وجاء التيار الكهربائي عبر الشبكة النظامية والتفكير بهذا الاتجاه يحمل جانب اجتماعي ودعم.
الفرق في سعر الكيلو بين الأمبيرات والوزارة كبير جداً
ومن الفرص الضائعة الأخرى هي وجود ملايين الألواح موجودة في الأسواق، ومعدة للتجارة وبغض النظر عن نوعيتها لو فكرت الوزارة بدلاً من صندوق الدعم شراء هذه الالواح ونصبها خلال ساعات محددة، وتغذية الشبكة العامة منها سيتم توفير نسبة كبيرة من العجز وسيكون استثمار الوزارة رابحاً أكثر من الهدر القائم اليوم بين تحصيل الأقساط ومنح القروض وثمن المدخرات التي تدفع كل ثلاثة أعوام.
ولو تم تحديد المبالغ من الشريحة التي تستهلك فوق 1500 كيلو من خلال رفع التعرفة من2500 إلى سعر 7000 ليرة لكل كيلو استهلاك هل تدرك وزارة الكهرباء أنها ستغطي النقص الحاصل ولمن يرى أن التعرفة مرتفعة نقول كيف تكون فاتورة الانترنت للموبايل 170 ألف ليرة في الشهر وفاتورة الكهرباء أقل من 5000 ليرة أليست الكهرباء أهم؟
التوجه نحو الدفع حسب الاستهلاك سيوفر النور ويقلل الهدر
وهل تدرك أن رفع الدعم عن التيار والتوجه نحو خيار الدفع حسب الاستهلاك وفق الكلف الحقيقية سيخفف الاستهلاك وسيجبر المواطن على سلوك الاستخدام العادل للكهرباء، وسيقدر هذه النعمة ولا يستخدم النور إلا عند حاجته، وستتقلص نسبة الفاقد المقدرة ب40 بالمئة من الشبكة وستكون الوزارة قادرة على منح العاملين الحوافز الإنتاجية الكبيرة وتشغيل النور بكفاءة عالية.
المواطن يدفع الفرق في ظل غياب الكهرباء
الغريب في الأمر طريقة التفكير الاقتصادية القاصرة والتي على ما يبدو تتم في العتمة؛ حيث يتم دفع ملايين الدولارات ثمن المولدات وزرعها في الشوارع، وصرف المحروقات لها وصرف الشبكات الإضافية للأمبيرات والشبكة الكهربائية موجودة وممنوع أن تعمل والسبب هو الدعم الاجتماعي في الظاهر بينما في الحقيقة المواطن يدفع الفرق ثمن مدخرات وليدات وبضاعة “زبالة” دخلت إلى البلد، وتحتاج إلى سنوات طويلة للتخلص من أثرها البيئي.
سعر الأمبير يتحمله المستهلك
ولم يعد خافياً على أحد أن سعر الأمبير الذي يدفعه الصناعي يتم تحميله على المستهلك النهائي، كما أن ارتفاع أسعار السلع بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء يدفعها المواطن منذ سنوات ويمكن التأكد من ذلك من خلال بيانات التكلفة التي يقدمونها من أجل تسعير السلع إذا لا يوجد أي انعكاس على أسعار المنتجات في حال قامت ووزارة الكهرباء بهذه الخطوة كون هذه المصاريف هي بالأساس موجودة والمواطن يدفعها.
ومن الفرص الضائعة أيضاً الطاقة الريحية المهدورة في سوريا وعجز قانون الطاقة المتجددة منذ عام 2010 وحتى اليوم من استثمار الرياح وحتى اليوم من استثمار الرياح، ولا يوجد في سوريا سوى عنفتين ريحيتين؛ صحيح أن تكلفة العنفة الريحية اليوم كبير جداً لكن لو تم تأسيس شركة وفتح باب الاكتتاب والاستثمار للشراكة مع الرياح كما حدث مؤخراً بالشراكة مع أحد المصارف الإسلامية كانت المزارع اليوم الريحية تغطي سوريا، وتقطف الرياح وتولد الكهرباء، لكن لماذا هذا العجز الكبير الذي نعاني منه فعلا أنه أمر غريب وتخطيط في العتمة؟
إعادة توزيع الشرائح والدفع حسب تكاليف الاستهلاك
ومن الفرص المهدورة أيضاً بيع أصحاب المولدات المحروقات بالسعر الحر وتكاليف النقل والتشغيل والتحصيل والجباية وجميعها يدفعها المواطن الثمن، بينما وزارة الكهرباء تنام في العسل وترفض المناورة في آلية التفكير والتخطيط والبحث عن البدائل التي تزيد من أرباحها، وتوفر على المواطن الأعباء وتعيد الكهرباء إلى أهميتها، وتعيد عجلة الإنتاج إلى الدوران
والمطلوب اليوم بكل بساطة إعادة توزيع الشرائح بحيث يأتي التيار الكهربائي على مدار اليوم والدفع حسب الاستهلاك، ومن غير المعقول أن يكون سعر الكيلو 1350 ليرة للشريحة التي تزيد عن 2500 كيلو واط ساعي بينما سعر الكيلو عند الأمبيرات 12 ألف ليرة والمواطن يدفع ثمن الخدمات والسلع على سعر الكيلو 15ألف ليرة.
تابعنا عبر منصاتنا :