أخبار حلب _ سوريا
ليس فقط روح الدعابة ولطف المعشر وطيبة القلب ونقاوة الروح تنفرد أيضاً مدينة حمص السورية عن غيرها من مدن البلاد بعادات وتقاليد تعود لعهد الحكم المملوكي ، ومن هذه العادات خميس الأموات، ففيه يشترون الحلويات أو ما يسمونه بلهجتهم المتداولة “الحلاوة” ويوزعونها على الفقراء ورجال الدين بعد زيارة أمواتهم في المقابر.
وبالنسبة لموعد “خميس الأموات”، عادةً ما يثير موعده بعض الجدل في كلّ عام، فيما يتفق الجميع أنه خميسٌ من نيسان، وتبعاً لأحد المؤرّخين فهو الخميس الذي يسبق عيد الفصح المجيد بأكثر من أسبوع، واعتاد صانعوا الحلويات في هذا العيد على الابتكار بأشكال وألوان حلوياتهم، فمنها ما يأتي على شكل هرم ملون بطبقات من الزهري والأبيض، فتلبس مدينة حمص حلة زاهية ملونة من أشكال قُمعية ضخمة ملونة باللونين الزهري والأبيض تبهر العين وكأنها تغار من زهور الربيع، وهذا النوع هو الأكثر انتشاراً والأقل تكلفة.
ومن تلك الحلويات أيضاً ما يعرف بالبشمينة وتأتي على شكل مكعبات مصنوعة من الطحين والسمن والسكر. أما السمسمية فهي أقرب إلى البسكويت إلا أنها مغطاة بالكامل بالسمسم.
وبالنسبة لاسمه الذي يثير الاستغراب، سمي بخميس الأموات لأن الناس يتوافدون لزيارة المقابر وتوزيع الحلاوة على أرواح أمواتهم.
وكان بداية احتفال حمص بهذه الخميسات في نهاية الفترة العثمانية أي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وذلك لروح التآخي والمحبة بين أهل حمص والرغبة في مشاركتهم بعضهم بطقوس صيام المسيحيين الممتدة سبعة أسابيع بدأ من اثنين الراهب.. فحمص في تلك الفترة كما ورد في قيود الإحصاء الرسمي لعام 1889 كان عدد سكانها 25635 نسمة فقط ثلثهم مسيحيون وكانوا يعيشون جميعاً داخل سور المدينة التي ما زالت معالمه واضحة حتى الآن، وكانت تغلق أبوابه السبعة عند الغروب وتفتح عند الفجر.
كما أن حمص تتميز بسبع خميسات وهي:
1ـ الخميس التايه والضايع: وهو مرتبط بأن يهل هلال شهر شباط
2ـ خميس الشعنونة ويبدو أن اسمه مرتبط بتقلبات المناخ بشهر شباط
3ـ خميس المجنونة حيث تعصف الرياح بهذا الشهر بشكل مدو ويسمع صوتها كالمجنونة
4ـ والخميس الرابع يسمى القطاط وفيه يحل موسم تزاوج القطط
5ـ أما الخامس يسمى خميس النبات وهو مرتبط بنبات الحظ الذي يرمى في جب قلعة حمص، ولكن الفرنسيين منعوه خوفاً من المشاكل
6ـ خميس الحلاوة، والبعض يسميه خميس الأموات وكان ينطلق فيه الناس إلى المقابر حاملين معهم الحلاوة للتنزه وزيارة الموتى وغرس الآس وسعف النخل على القبور
7ـ والخميس الأخير هو خميس المشايخ
وبالختام، لاتزال مدينة حمص تحافظ على الاحتفال بخميس الحلاوة إلى يومنا هذا وبشكل متفاوت مع اندثار باقي الخميسات، إذ تنفرد بانشغالاتها اليومية البسيطة بالبحث عن الجمال والفرح وصناعة طقسها الخاص فلسفياً واجتماعياً، فمن نهرها العاصي الذي يجري من الجنوب إلى الشمال مخالفاً الأنهار التي تمر بسوريا إلى ظرافة وطرفة الأهالي وصولاً إلى الأعياد المحلية الخاصة بهذه المدينة العريقة.
تابعنا عبر منصاتنا :