أخبار حلب _ سوريا
خاص بأخبار حلب
بقلم: أديب رضوان
دول غربية كثيرة صدعت رؤوسنا بممارستها الديمقراطية في العالم بينما تاريخها الاستعماري يشي بغير ذلك، بل بعض تلك الدول قامت على العنف وحروب الإبادة الجماعية بحق الشعوب الأخرى، وهنا نضرب مثلاً إبادة “الهنود الحمر” على يد “العنصريين الأمريكيين” ومعتنقي فكر “الكوبوي” التي كانت أساس ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كدولة، وفرنسا دولة الانتداب احتلت عدة دول عربية ومنها سوريا لفرض سيطرتها على طرق التجارة الدولية، ناهيك عن الاحتلال البريطاني وغيرها من دول الغرب التي نشأت وترعرعت على سفك الدماء وانتهاك السيادات ومصادرة حقوق الشعوب الأخرى، فيما نشاهدها اليوم تذرف دموع التماسيح على أطفال قطاع غزة وفي المقلب الآخر تدعم كيان الاحتلال لاستمرار حرب الإبادة بحق الفلسطينيين.
فالتاريخ الاستعماري لتلك الدول، لا يجعلها في مكانة دولية تستطيع شعوب العالم الوثوق بها أو بمواقفها السياسية أو بعدالتها الدولية، فما بالك والعالم يشاهد دعم تلك الدول الأعمى للصهيونية العالمية وربيبتها “إسرائيل” في عدوانها المفتوح والمستمر ضد الشعب الفلسطيني، صنف على أنه حرب” إبادة جماعية” في قطاع غزة، وهي تمارس العربدة أيضا بحق سوريا ولبنان؛ فالصهيونية ليست إلا ممثلاً حصرياً لهذا العنف والاستعلاء الغربي على شعوب الدول وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
دموع التماسيح على قطاع غزة
وهنا نستذكر دموع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” وغيره من قادة الغرب على أشلاء أطفال فلسطين، جراء محرقة العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، تلك الدموع التي لا يمكن وصفها سوى “بدموع التماسيح”، التي لا تتجاوز حد “ذر الرماد” في العيون، بينما الواقع يفضح تلك الدموع ويكشف ما تحتها من ستار الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود بالعتاد والسلاح لكيان الاحتلال بهدف استمرار جريمة العصر بحق الشعب الفلسطيني لتكشف أرقام هذا الدعم الوجه الحقيقي لمدعي الديمقراطية ورعاية حقوق الانسان.
فالغرب ينظر للمقاومة الفلسطينية البطلة على أنها فعل “إرهاب” من شعب فلسطيني همجي لا يريد السلام والاستقرار، وذلك بهدف سوق المبررات لجريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
كما يجب علينا ألا نستغرب من موقف أمريكا الداعم حتى العظم لكيان الاحتلال و ضد وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على القطاع المحاصر، وتبنيها لما يسمى حق “إسرائيل في الدفاع عن النفس”، وهو موقف لا يتزعزع ولا يضعف وذلك لارتباط كيان الاحتلال بالمصالح الأساسية لأمريكا في المنطقة منذ نهايات الحرب العالمية الأولى وحتى منذ اكتشاف القوة المالية في باطن الأرض العربية وهي البترول؛ لتكون إسرائيل مخفراً متقدماً للصهيونية العالمية والقوى الغربية في المنطقة العربية.
الغرب والصهيونية وجهان لعملة واحدة
إذاً، الصهيونية هي أداة مهمة من أدوات الغرب في السيطرة على الشرق، ولو لم تكن الصهيونية موجودة لكان الغرب قد اخترع ما يحل محلها ويقوم مقامها وينوب عنها ويؤدي دورها بالوظائف المرادة منها، ومن هنا تتغذى العقيدة الغربية على الحروب وبث الفتن بين الشعوب لمنع الاستقرار فيها وتبقى متحكمة بمصادر الطاقة بالمنطقة العربية وعلى هذا الأساس يمكن فهم سياسات الغرب الاستعمارية والمستبدة في الشرق الأوسط، وبالتالي اصطفافه إلى جانب كيان الاحتلال ودعمه لعدوانه على دول وشعوب المنطقة العربية.
فالغرب والصهيونية وجهان لعملة واحدة في حياكة الخطط والمؤامرات ضد الدول المستقلة ويتصرفان كحلف واحد يربطه توافق على مبدأ أن هزيمة “إسرائيل” لا تجوز، وأن المساس بأمنها غير مسموح به، وأن تهديد وجودها من جذوره هو خطر يتهدد الغرب ذاته، وذروة هذا الحلف هو الإجماع على قيادة أمريكا وريثة للعنف والتفوق والاستعلاء الغربي.
“زواج سياسي” مع إسرائيل
“إسرائيل” بنظر الغرب تمثل ضمانة إستراتيجية له ومنع أي تهديد لمصادر إمدادات النفط الإقليمية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة وخصوصاً في الخليج العربي، كما أن التزام الغرب نحو إسرائيل هو التزام إستراتيجي، فهي تمثل الركيزة الأساسيَّة في الخطة الغربية لخلق “شرق أوسط جديد” بحسب الرؤية الغربية حتى تتفرغ الولايات المتَّحدة وحلفاؤها لأجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك روسيا والصين.
كما أن وحدة الحال بين دول الغرب المستمرة منذ قيام كيان الاحتلال على الأرض الفلسطينية عام 1948 وحتى يومنا هذا يجعل من الصعب على الولايات المتحدة وأوروبا أن تنأى بنفسها بأي شكل من الأشكال عن إسرائيل، فيما يشبه علاقة “الزواج السياسية” بين الطرفين.
وهذا ما يفسر دعم واشنطن المستميت للكيان الغاصب أمام تضحيات عظيمة من أبطال المقاومة الفلسطينية والعربية؛ فمنذ هجوم السابع من تشرين الأول الماضي وافقت واشنطن على منح 14,3 مليار دولار كمساعدات لكيان الاحتلال، ناهيك عن تقديم أحدث أنواع الذخيرة والسلاح لهذا الكيان المؤقت، إضافة إلى الدعم السياسي في مجلس الأمن ومنعه من اتخاذ أي قرار يدين فيه هذا الكيان، ووصل الدعم الأمريكي حد تصريح وزير خارجية الولايات المتحدة “انتوني بلينكن” بالقول “إن إسرائيل غير مضطرة للدفاع عن نفسها ما دامت واشنطن موجودة”.
الخلاصة
ستبقى الكلمة الفصل في هذا الصراع التاريخي للمقاومة الوطنية الفلسطينية وداعميها، وللشعب الفلسطيني صاحب الحق والمضحي كرمى عيون القدس وغزة والأقصى، والكيان المؤقت مهما ارتفع حجم الدعم الغربي له سيبقى “أوهن من بيت العنكبوت”، ولا بد أن يأتي اليوم الذي يتحرر به هذا الشرق من الشر الذي أوجده الغرب فيه والمتمثل بـ”إسرائيل”.