أخبار حلب _ سوريا
في الكثير من الأوقات نخجل من التعبير عما يدور في داخلنا للعالم حولنا، ما يعني أن الخجل أو الحياء من الكلام يسبب مشكلة أكبر من التي قد تحدث لو تكلمنا، وهذا على سبيل الحديث فقط، فكيف لو كان تصرفاً يجب أن نتصرّفه ولكن حياءنا يمنعنا منه، فنقع بما هو أكبر.
وفي هذا السياق، نستذكر مثلاً كثيراً ما يقال ويتم تداوله، ألا وهو “اللي استحوا ماتوا”، وهو هو من الأمثال والحكم الشعبية التي تضرب للتهكم من المواقف المخلّة بالعادات والتقاليد، وباللهجة المصرية يقال (اللي اختَشوا ماتوا)، وكثيراً ما يتصرف أحد تصرفاً ما لا يعجبنا أو تصرفاً لا يليق به فنقول له “والله اللي استحوا ماتوا”، فما قصة هذا المثل؟
إن أصل المثل حسب ما ذكرته الروايات أنه يعود لإحدى الحمامات في أيام العثمانيين، وخاصة في المدن التي اشتهر بها الحمام التركي، ودخله العديد من الناس رغم تكلفته، وفي أحد الأيام وفي قسم النساء شبّ حريق كبير فجأة وكان الحمام مليئاً بالنساء وهنّ عاريات، فما كان من بعضهن إلا أن فررن من الخوف ونسين الحالة التي هنّ عليها.
وأما القسم المتبقي من النساء التي لم يخرجن خجلاً وحياءً فالتهمتهنّ النيران و مُتن حرقاً بها، وسرعان ما انتشر الخبر كالنار في الهشيم والتمّ الناس في المكان، يتحدثون فيما بينهم عن الذي جرى، حيث أن قسم من النساء نجون والقسم الآخر احترقن في النار، وجرت على الألسن أن النساء في الحمام قسمين:” لم يخجلن هربن ونجون، والخجولات اللاتي لم يهربن وتعرضن للحرق، بمعنى أن من استحين متن.
وفي رواية أخرى تقول أنه عندما حصل الحريق هربت كل امرأة كاسية “مرتدية ملابسها”، أما النسوة العاريات فقد بقين خشية وحياء وفضّلن الموت على الخروج، وعند عودة صاحب الحمام هاله ما رأى وسأل البواب هل مات أحد من النساء؟ فأجابه: نعم… فقال له من مات؟ أجاب البواب: “اللي استحوا ماتوا”.
وصحيح أن ما منع النساء من الخروج هو الحياء، إلا أنها تعتبر قوة قلب بتحمل النار أكثر من نظرة العالم لهن وهنّ عاريات، وصحيح أن النتيجة كانت هي وفاتهم حرقاً وهي أشد أنواع الموت عذاباً وألماً، إلا أنها على حالة الحياء أو قوة القلب تعتبر وساماً لحفظ النفس، وهذا ما يعني أنه مهما كان وقع الصمت مؤلماً إلا أنه أفضل من التحدث إذا كان الحديث سيذهب بماء الوجه أو استهتار النفس.
وفي الختام فإن كلّ شخص يختار طريقه ووجهته، إما أن تتصرف بما ينقذك وتكن من الأضعف الذي يريد إنقاذ نفسه بأي طريقة، أو من يمتلك القوة والحياء لتحمل عواقب صمته ويكسب بذلك نفسه وثقته.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News