بقلم: سمر عكو
بينما هي منغرقة في تنفيذ المناورة الأركانية الكبرى “الضربة الساحقة” التي تحاكي حرباً متعددة الجبهات تشمل جبهة لبنان ، سوريا ، غزة والضفة الغربية ، أتت الضربةُ الساحقة على رأس إسرائيل من جندي مصري كان عتاده آلية مذخرة و وبضع طلقات وسكين ومصحف ، ليفجر فقاعة المناورة الإسرائيلية ويؤكد للعالم الفشل الذريع للكيان الصهيوني وعدم قدرة قواته البرية والتي يعتبرها اللبنة الأساسية في بناء الجيش الإسرائيلي على حماية حدوده من جندي واحد ! كما أثبت فشل العمل الاستخباراتي وسلاح الجو في السيطرة على اشتباك بسيط حشد خلاله قواته ليتمكن من منعه من الاستمرار وإسقاط المزيد من القتلى.
لتعود إخفاقات سلاح البر الإسرائيلي للواجهة وتصبح مجالا” للتشكيك وتبادل الإتهامات بين قادة المؤسسة العسكرية بعدما كانت أعناق ساسة إسرائيل تتطاول زهواً بــ “الجيش الذي لا يقهر”.
فمن هو رامبو مصر الذي هزّ كرامة الكيان الصهيوني وأضحى حديث العالم؟
هو ليس باللاعب المصري نجم فريق ليفربول الإنكليزي ، لكن نجوميتهُ طغت عليه ، هو “محمد صلاح” الجندي المصري ، و”الرسام الموهوب” كما يحب رفاقه أن يطلقوا عليه والذي رسم مشهد استشهاده في أسمى لوحات التضحية والفداء ، وزلزل عرش الكيان الإسرائيلي ليكون “السبت الأسود” كابوساً لم تستيقظ منه إسرائيل إلى اليوم .
محمد صاحب ال 22 ربيعاً يسكن منطقة عين شمس في القاهرة ، يتيم الأب منذ طفولته والمعيل لأسرته مع إخوته ، وعندما كبر التحق كفرد في الشرطة المصرية ليخدم في قطاع شمال سيناء على الحدود مع الأراضي الفلسطينية ، وكان موقفه من القضية الفلسطينية واضحاً منذ البداية وفي ردٍ له على تعليق نائب الرئيس الأمريكي “أمريكا تقف مع إسرائيل” ،قال صلاح :”الله يقف مع فلسطين” .
فما الذي فعله الجندي المصري ليصبح “رامبو مصر” ؟
كان مكلفاً بحراسة على الحدود في الجانب المصري، تخطى البوابة المحصنة باستخدام سكين يحملها أفراد الصاعقة ، ثم مرّ من بوابة مخصصة لمرور القوات الإسرائيلية إلى سيناء عند الضرورة.
كان يحمل سلاحاً آلياً مذخراً و4 خزن بها 120 طلقة، وسكينين ومصحف وبعض الطعام والماء.
تقدم 150م بعدما اجتاز السياج قبل السادسة صباحاً.
قتل مجنداً ومجندة من قوة «فهد» الإسرائيلية، وعثر على جثتيهما في التاسعة صباحاً ، بعدها مشى نحو 2 كلم باتجاه الشرق في عمق الأراضي المحتلة ،
تحصن داخل مخبأ بناه من الحجارة في صحراء النقب بين جبلي “ساغي وجريف”.
وجاء أمر قائد الفرقة 80 الإسرائيلية بالاشتباك مع الجندي وعدم انتظار التغطية الجوية.
بدأ الاشتباك ما بين العاشرة والحادية عشرة صباحاً ، ليرد الجندي المصري ويسقط صف ضابط ويصيب مجنداً وصف ضابط.
وفي اللحظة الأخيرة استشهد بعدما جاءه وابل رصاص من كل الاتجاهات.
الكيان الصهيوني يراجع حساباته :
هذا الفشلُ العملياتي المركب دفع المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “يوسي يهوشواع” إلى إعادة التحذير من “ضعف أداء القوات البرية” واعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي أن :“المنظومة الدفاعية انهارت وهذا حدث يفترض أن يذكر وزير الدفاع “يوآف غالانت”، ورئيس الحكومة، “بنيامين نتانياهو”، الذين يتحدثون كثيراً عن مهاجمة إيران، بأن يبحثوا قبل ذلك في جهوزية قواتهم البرية”.
ولفت “يهوشواع” إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق “أفيف كوخافي” : “بذل جهوداً كثيرة في تطوير سلاحيّ الجو والاستخبارات ، ويتعّين على رئيس أركان الجيش الحالي “هيرتسي هليفي”، أن يبذل جهداً من أجل إغلاق الفجوة في سلاح المشاة الضعيف”.
وأشار المحلل العسكري في الصحيفة ، إلى أن هذا ثاني تسّلل للحدود الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تسّلل شخص من لبنان لمسّافة 70 كيلومترا تقريباً، في آذار/مارس الماضي، وتمكن من الوصول إلى مفترق “مجدو”، ووضع عبوة ناسفة، تسّبب انفجارها بإصابة خطيرة لمواطن إسرائيلي ، وقتلَ جنودٌ إسرائيليون المتسّلل عند الحدود مع لبنان ، لدى عودته إليها.
من جهته وصف المحلل العسكري في صحيفة “هاآرتس” ،“عاموس هرئيل”، في تقرير له، مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين بنيران شرطي مصري، صباح السبت، بأنه: إخفاق كبير للجيش الإسرائيلي، يستوجب تحقيق عسكري معمق ، من أجل الكشف عن الخلل الذي مكّن جندياً مصرياً من التسّلل إلى الأراضي الإسرائيلية، وكذلك من أجل إعادة النظر في المفهوم الدفاعي على طول الحدود، التي وضعها الجيش الإسرائيلي في أدنى سُلم أولوياته بسبب الهدوء النسّبي فيها.
وفي السياق صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن : “الهجوم عند الحدود المصرية ضد الفرقة 80 كان حادثاً صعباً ، لقد فقدنا جنديين ومجندة في حادثة عملياتية، في مواجهة تهديد واحد، في مواجهة مخرب واحد، في مواحهة شرطي مصري، والنتائج كانت صعبة، ومهمتنا أن نفعل كل شيء لمنع تكرار ذلك”.
محمد صلاح ” الأسطورة ” :
وذكر أصدقاء “محمد صلاح” أن جثمانه ووري الثرى في مدفن أسرته بالعمار بالقليوبية ، بعد أن تسلمته الحكومة المصرية من إسرائيل وسط حضور محدود جداً وتعتيمٍ إعلامي .
وتفاعل الكثيرون مع قصته التي غطّت على كل الأحداث المحلية والعالمية ليتحول صلاح إلى “أسطورة” في عيون الشرفاء و الأحرار .
وسيبقى الشهيد “صلاح” ملهماً لكل الأحرار في العالم وأيقونة للمقاومين ، فلقد غير المعادلات وأثبت أن إسرائيل أوهنُ من بيت العنكبوت فهي مجردُ وهمٍ نكسرهُ بإرادتنا وقوة إيماننا متى شئنا.