سمر عكو
بعد 12 عاماً من الحرب الشاملة، لم يقتصر سوء الوضع الإقتصادي والغلاء المعيشي في سوريا على النواحي المعيشية فقط إنما امتد ليشمل جميع نواحي الحياة ويجعل بعضاً منها حلماً بعيد المنال للسوريين.
فالزواج اليوم أصبح من سابع المستحيلات لدى الكثير من الشبان السوريين في ظل الوضع الاقتصادي الصّعب ، ومجرد التفكير به بات مغامرةً كبيرةً حتى لو اقتصر الأمر على أبسط مقومات الحياة.
الراتب لا يغطي تكاليف الزواج :
ذلك لأن استئجار المنزل لوحده يحتاج في كل شهر ثلاثة أضعاف راتب موظف حكومي، ناهيك عن باقي التكاليف من التجهيزات، كفرش المنزل الذي يكلف بالملايين، وتكاليف حفلة الزفاف من ألفها إلى يائها والتي تحتاج إلى ملايين الليرات أيضاً حيث إن ” أجرة فستان الزفاف وحده يصل إلى نصف مليون ليرة”.
التكاليف المرتفعة سببها الحرب والحصار الإقتصادي :
أما عن الذهب فأصبح يقتصر على المحبس فقط في ظل الارتفاع غير المعقول لأسعار الذهب والذي يرتبط مباشرة بسعر الصرف .
كا أثرت المتغيرات المرتبطة بالحرب في تأخر سن الزواج فالمهور المرتفعة والتكاليف الأخرى تقف عائقاً كبيراً أمام المقبلين على الزواج ويجد كثير من الشبان أنفسهم مضطرين للاستدانة أو السفر لتأمين تكاليف الزواج .
ولم يسلم “عقد الزواج” من ارتفاع التكاليف ليكون أحد الأسباب التي تجعل المقبلين على الزواج يتفادون أو يؤجلون الذهاب إلى المحكمة نظراً لارتفاع تكاليفه حيث كانت كلفته سابقاً لا تتجاوز الــ 30 ألفاً لتصبح اليوم ما لايقل عن 200 ألف متضمنة تكاليف تحليل الدم والأوراق الثبوتية والطوابع وغيرها .
فوفقاً للمركز الطبي لتحاليل ما قبل الزواج فإن تكاليف التحليل وصلت لــ 100 ألف ليرة، ويعود ذلك لارتفاع أسعار المواد وصعوبة استيرادها بسبب العقوبات المفروضة على سوريا.
أما رحلة الذهاب إلى المحكمة لحين العودة بعقد الزواج لن تقل كلفتها عن 100 ألف ليرة أيضا بين تكاليف الإضبارة والطوابع واستكمال الأوراق وتصوير نسخ منها.
وذكر محامون أن ارتفاع الرسوم القضائية أمر طبيعي نظراً لتغير الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي .
الحرب دمرت حاضر الشباب ومستقبلهم :
كذلك خسر معظم الشبان فرصهم في العمل بسبب الحرب فيما توقف بعضهم عن متابعة التعليم والدراسة التي أصبحت بدورها مكلفة واتجهوا لسوق العمل بغض النظر عما اذا كان العمل يتناسب مع مستواهم العلمي أم لا ومع ذلك نراهم عاجزين عن توفير مبلغ صغير لتأمين مستقبلهم .
لنجد أن الحرب على سوريا دمرت حاضر الشباب ، وتبعاتها وقفت عائقاً أمام مستقبلهم ، فمن المستفيد من ضياع أحلام السوري وحقه في عيش حياة كريمة وتكوين عائلته الخاصة ؟ ليتمثل الجواب في عدو حاقد يدعي حقوق الإنسان وينسب لنفسه الديمقراطية والحريات ويسرق مقومات الحياة لدى السوريين بشكل فاضح .
وبينما يستتر الغرب وراء حضارته المتطورة التي تبهر دول العالم الثالث، لكن خلف ذلك الستار تاريخ مشوه من عمليات النهب لثروات وخيرات تلك الشعوب التي تعيش الآن تحت ثقل الظروف المعيشية القاسية فهناك في شرق الفرات مازالت أمريكا تلك الدولة المارقة تنهب خيرات السوريين يومياً على حساب أحلامهم وطموحاتهم ويقف مجتمع دولي وقفة عار أمام ماتفعل لكن كل ساق سيسقى بما سقى و الدول التي شاركت في سفك الدم السوري وساهمت في تشريد عوائل بأكملها وتهجريها من بيوتها الآمنة وحرمان أطفال من آبائهم وتدمير طفولتهم البريئة ومن ثم صمتت عن سرقة لقمة عيش السوري وحرمانه من أبسط حقوقه ، ستدور الأيام وينقلب السحر على الساحر فما دام ظلم ولا دام ظالم.