هزَّ زلزال 6 شباط الذي ضرب منطقتي حلب واللاذقية في سوريا شيئاً من المشاعر الدولية التي جمدتها اختلاف المواقف السياسية أثناء الحرب.
وعلى الرغم من تدني حجم المساعدات التي أرسلتها الدول مقارنة مع أمرين: الأول: حجم المساعدات الكبيرة التي حظيت بها تركيا بالمقابل، والثاني: حجم الدمار المخيف الذي خلفته الحرب في سوريا عموماً وحلب خصوصاً، إلا أن الكثير من التساؤلات التي تشغل بال الشارع السوري اليوم في ظل تفاقم الأزمة المعيشية وتدهور الوضع الاقتصادي وهي: أين ذهبت كل المساعدات التي قُدمت لسوريا بعد الزلزال؟ ولماذا لم تنعكس تحسناً في الواقع السوري؟
زلزال بسمنة وزلزال بزيت في عيون المساعدات الدولية
بينما يلقي بعض السوريين اللوم على طريقة التوزيع يتحدث البعض الآخر عن الفساد كسبب رئيسي في عدم وصول المساعدات لمستحقيها، ولكن الجميع يتفق على أن تلك المساعدات لا تعيد سوريا كما كانت قبل الحرب، ولا تساهم بشكل فعلي في إعادة الإعمار مع كل ذلك يبقى التساؤل سيد الموقف، أين ذهبت مساعدات الزلزال؟!
ساهمت حوالي 13 دولة في إرسال المساعدات لسوريا بعد الزلزال سواء جواً أو براً بعد تعليق قانون قيصر الأمريكي لمدة 85 يوماً بشروطٍ عرقلت الحلول الفعالة لتجاوز الأزمة مما جعل فارق الرقم كبير جداً بين عدد الدول التي تصدرت لمساعدة تركيا وعدد الدول التي ساهمت بمساعدة سوريا، حيث وصل عدد الدول التي قدمت المساعدات لتركيا حوالي 42 دولة.
حجم الدمار مرعب وفكرة الإنقاذ رومانسية
تكثفت عدد الطائرات التي حطت في المطارات السورية في الأيام الأولى من عمر الزلزال حتى وصلت إلى 250 طائرة وبدأت تتناقص بعد فترة وجيزة دون وجود إحصائية رسمية لمجمل عدد طائرات المساعدات، ولكن على أية حال حتى لو وصل عدد الطائرات إلى 1000 طائرة محملة بالمساعدات الغذائية والطبية إلا أن أي طائرة لا تستطيع أن تحمل على متنها أكثر من 500 طن من الحمولة بينما حاجة مدينة حلب وحدها من الطحين تصل إلى 500 طن يومياً ما يجعل فكرة إنقاذ الوضع الاقتصادي المتهالك بعد الحرب والحصار والزلزال عبر طائرات المساعدات فكرة رومانسية للغاية.
اليد العراقية بألف يد
إن فكرة عدم جدوى المساعدات الجوية في تجاوز الأزمة جعلت بعض السوريين يعتقدون أن الحشد الشعبي العراقي هو الوحيد الذي أرسل المساعدات إلى سوريا وذلك بسبب إمداد سوريا وخاصة مدينة حلب بحجم هائل من المساعدات عبر الحدود البرية وأعلن حملة إرسال قوافل مساعدات أولها في بغداد وآخرها في حلب وتنوعت شكل المساعدات بسبب سهولة النقل البلاي بين طواقم الإنقاذ والخيم والغرف الاصطناعية والمواد الغذائية والمطابخ الميدانية والمشافي وغيرها.
لهذا السبب لم يلمس الشعب السوري انعكاساً حقيقياً لما قدمته الدول من المساعدات لسوريا سوى قوافل الحشد الشعبي التي مازالت مستمرة إلى الآن، وهذا الأمر جعل الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بالامتعاض وتدرك أن ترك يد المساعدة العراقية تمتد بهذا الشكل إلى سوريا يشكل خطراً على سياساتها ونفوذها في تلك المنطقة فإبقاء سوريا في وضع اقتصادي خانق هو سياسة واضحة لأمريكا من أجل استمرار الضغط على الدولة السورية لمصالح أمريكية وإسرائيلية مشتركة وهذا ما يفسر عدة أمور وهي:
أولاً: التلاعب بسعر الصرف ومصارعة تدابير المصرف المركزي من مناطق سيطرة الاحتلال الأمريكي في شرق الفرات
ثانياً: تهريب قوافل النفط السوري المسروق لعرقلة دوران عجلة الصناعة والإنتاج المعتمدة على الكهرباء.
ثالثاً: الاعتداءات الجوية الإسرائيلية على سوريا واستهداف المطارات بشكل خاص
رابعاً: محاولة الأمريكي إغلاق المنفذ العراقي الوحيد الذي تصل منه قوافل المساعدات لإطباق الحصار على الداخل السوري.
الخلاصة
إن الوضع الاقتصادي السوري بعد سلسلة الحرب الممتدة ل 13 عاماً بكافة أشكالها والتي طالت البنى التحتية والمصانع والمشافي والمدارس والمنشآت لا يمكن استنقاذه بعدد طائرات لا تكفي لقوت يوم واحد بينما كانت الحدود مفتوحة على مصارعيها لتدفق أسباب الدمار من المقاتلين المسلحين والانتحاريين والأجهزة والعتاد والأسلحة والأموال على مدار كل هذه السنوات بدعم دولي وضع كل ثقله في هذه الحرب لصالح تدمير سوريا، فيبقى الحل الحقيقي هو الوقوف الجاد مع الدولة السورية للقضاء على الإرهاب وإنهاء الاحتلالين التركي والأمريكي وعودة المساحات الخضراء المقسمة إلى جسم الجغرافيا السورية وفتح الاستثمارات بكل أشكالها من أجللا إعادة الإعمار.