بقلم: دانيا الغباش
بشكل مبالغ فيه يضع الأغلبية الملامة على المقاومة الفلسطينية بما تتعرض له غزة اليوم، والوحشية التي تتعرض لها من قبل الكيان الصهيوني، ونرى ذلك من خلال تكرار عبارة، لو لم تنتفض وتستهدف لما فعل الكيان هذا، ولما صبّ غضبه عليها.
لكن هل تساءل أحد كيف كانت غزة قبل السابع من تشرين الأول؟ هل كانت في نعيم تلام المقاومة عليه بأنها أخذته منها؟
معتقل ضخم مخفي عن العلن….
منذ أن قطّع الكيان الإسرائيلي أواصل فلسطين وسلب أجزاءً منها عنوةً وهجّر شعبها، لم ترتح غزة يوماً واحداً، إذ تم فصلها عن باقي فلسطين ببناء العديد من المستوطنات في غلافها، وسكن فيها مدنيون مسلحون، وتمّ بناء سياج مسلح عزل غزة بشكل كامل جواً وبراً وبحراً وتحت مراقبة شديدة من قبل الكيان لتعيش تحت حصار إجرامي لا يرحم وتتقيّد بشكل علني وبصمت مطبق.
إن ما تعيشه غزة لا يعد حرية تُلام المقاومة على حرمان غزة منها، حتى الاعتداءات كانت موجودة لكن غزة كانت تنزف وتأن من الألم، لكن لم يكن لأحدٍ أن يراها تضمد جراحها النازفة إلّا من شغلت فكره وكانت غزة وفلسطين بأسرها قضيته، لذا فإن الطوفان جاء ليخلّص غزة وشعبها من الاضطهاد والاعتقال العام للشعب كلّه.
الطوفان ضرورة رغم نزيف غزة….
إن الكيان الإسرائيلي يزعم بأن الاعتداء على غزة وقصفه لها هو ردّ على معركة الطوفان، لكنه وضع الطوفان حجّة ليعتدي ويقصف غزة كما يشاء، لكن معركة الطوفان كانت ضرورة ولعدة أسباب أهمها:
1- وضع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال المتردية، وارتفاع وتيرة الاعتقالات اللاشرعية.
2- تصعيد قوات الاحتلال اعتداءاتها على المقدسيين وانتهاك حرمة المسجد الأقصى من خلال الهدم وإبعاد المصلين عن المسجد وضربهم واعتقالهم.
3- التوسع ببناء المستوطنات وتوسيعها بالضفة الغربية، وذلك رغم الإدانات الدولية للاستيطان الإسرائيلي.
4- الإجراءات التعسفية بالضفة حيث تعاني مدن الضفة الغربية بشكل يومي لإجراءات أمنية تعسفية من نقص خدمات وسلع غذائية وتضييق أمني كبير.
لذا فإن الكيان أراد أن يبيد الفلسطينيين ويضيق عليهم بصمت، لكن المقاومة فاجأته وقامت بطوفان جعلته يقع بفخ أعماله، فأصبح يقصف بكل الأسلحة حتى المحرمة منها، ظناً منه إذا وضع الطوفان سبباً أن يقف كل العالم معه، لكنه وقع بمستنقع وحشيته، ليرى العالم هذا الكيان على حقيقته.
نعم الكيان يفشل والمقاومة قامت بالوقت المناسب، بعد ازدياد الاضطهاد وبعد معاناة لم تعد غزة تمتلك قوة على تحمّلها، المقاومة قامت بالوقت الذي رأت فيه أن طاقة غزة قد استهلكت ولا من مساند، والحل الوحيد كان أن تنتفض بوجه المحتل بنفسها، لتسترد كل حقوقها، للخلاص من المعتقل الذي لا نعرفه، وبهذا أجبرت الجميع على أن يسمع بغزة أن يرى وجعها ويشعر به، وأن هناك أطفال لا تعيش كما أطفال العالم تعيش.
غزة إلى أين بعد الطوفان؟!…
اليوم نرى أن الطوفان ذاته الذي نجا منه “نوح” عليه السلام وأغرق الظلّام، سينجي غزة من الكيان الغارق بالوحشية والظلم والفشل، والسفينة التي كانت وسيلة لنوح نراها اليوم على شكل مقاومة تحمل السلاح وتدك تحشدات الاحتلال وآلياته.
وإذا كان هناك تساؤل عن الوجهة التي ستستقبل غزة بعد الطوفان، فإننا نرى بأن كلّ انتفاضة كان رد الحق هدفها والإيمان عقيدتها فحتماً سيكون النصر والحرية هو الوجهة التي لن تتخلى عنها، عدا عن الضعف الذي يغتسل به الكيان منذ بدء المعركة إلى الآن.