أعلنت أمريكا عزمها تشكيل قوة متعددة الجنسيات بهدف تأمين حماية التجارة البحرية في البحر الأحمر ضد ما تسميه تهديداً يشكله الموقف اليمني الرافض لمرور السفن التي ترتبط بالكيان الصهيوني سواء من حيث ملكيتها الكاملة أو الجزئية أو حتى التي تكون جهتها إلى موانئ الكيان.
لكن هذه الدعوات لتأسيس هذا التحالف ليست بالجديدة فقد شهد العام الماضي إعلان أمريكا تأسيس قوة المهام المشتركة (CTF-153) والتي تتعلق بالحماية البحرية في منطقتنا بذريعة حمايتها من الإرهاب، ولذلك لن تضيف هذه الدعوة جديداً سوى أنها جاءت تلبية لاستجداء الكيان للتدخل الأمريكي لمواجهة ما فرضته اليمن من واقع جديد في مضيق باب المندب والذي شكل خنقاً اقتصادياً لدولة الكيان، حيث تبدو هذه الدعوة مشبوهة وهدفها فقط منح الغطاء الشرعي لهذه التحركات العدوانية تجاه اليمن لحماية مصالح الكيان دون ان تتحمل أمريكا لوحدها تبعات هذا التدخل.
وما إن تم الإعلان عنه في هذا السياق حتى أعلنت مجموعة من الدول انضمامها لهذا التحالف وهي (بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والنرويج وسيشل والبحرين)
لماذا البحرين فقط من بين الدول العربية مع أنها ليست مطلة على البحر الأحمر؟!!!
البحرين هي إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، وأصغرها مساحة ومكانة رغم قدم تاريخها إلا أنها تحولت إلى دولة تدور في فلك من حولها، وهي بشكل أخص تقع تحت التأثير السعودي المباشر خاصة منذ دخول قوات درع الجزيرة إلى أرض البحرين لقمع انتفاضة الشعب البحريني في منتصف آذار 2011 حيث فقدت البحرين سيادة قرارها وتحولت إلى بالونة اختبار لتحديد المواقف وردات الفعل عليها في كل مرة تريد السعودية أن تخطو خطوات في التطبيع أو توقيع الإتفاقيات المشبوهة ضد دول المنطقة.
كما تملك البحرين تاريخاً حافلاً من التبعية لأمريكا تمتد لمنتصف القرن الماضي، حيث استضافت قاعدة بحرية أمريكية في الخليج العربي منذ عام 1947 ،وعندما أصبحت البحرين دولة “مستقلة” في عام 1971 تم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقة بين الولايات المتحدة والبحرين مع إقامة العلاقات الدبلوماسية التي بدأتها بالاعتراف الدبلوماسي بالبحرين بفتح السفارة الأمريكية في المنامة في 21 سبتمبر.
كما تم توقيع بين البحرين والولايات المتحدة اتفاقية تعاون دفاعي في أكتوبر 1991 وتم منح القوات الأمريكية حق الوصول إلى المرافق البحرينية وضمان حق احتجاز موقف مادي للأزمات في المستقبل ، كما تحولت إلى مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، ونتيجة ذلك صنفت أمريكا البحرين كحليف رئيسي خارج الناتو في أكتوبر 2001.
كل ذلك جعل من البحرين دولة طيعة لتكون عتبة يخطو عليها الصهيوني لتحقيق اختراق عربي آخر عبر التقارب السري بين الصهاينة والعرب، ظهرت بوادره حين أيدت عام 2018 “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وذلك بعد قيام الكيان بالعدوان على مواقع داخل الأراضي السورية.
هذا الموقف المستفز من قبل مملكة البحرين كان مؤشراً على حجم الانخراط في مشروع التطبيع الذي غرقت فيه البحرين حيث شهد بعد هذا العام تسارع الخطى نحو الكيان وبرعاية أمريكية كاملة تجلت فيما يلي:
أولاً:
إقامة ورشة عمل اقتصادية نظمتها الولايات المتحدة في البحرين بهدف تحقيق نتائج ملموسة بشأن خطة سلام أمريكية في الشرق الأوسط، فتحت الباب لتوثيق العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول الخليجية، ودفعت بعض مسؤولي الخليج إلى التنكر لقضية أمتهم بالاعتراف أن الكيان جزء من تاريخ المنطقة.
ثانياً:
️في عام 2019 أعلن وزير خارجية الكيان “يسرائيل كاتس” أنه التقى بنظيره البحريني خلال زيارة لواشنطن.
ثالثاً:
️اجتمع في تشرين الأول ممثلون من أكثر من 60 دولة بما في ذلك إسرائيل في البحرين وذلك لمناقشة الأمن البحري في أعقاب هجمات على ناقلات نفط في الخليج ومنشآت نفطية سعودية.
رابعاً:
في عام 2020 رحبت البحرين باتفاق التطبيع الإماراتي المفاجئ مع دولة الكيان في 13 آب، واصفة إياه بالخطوة “التاريخية”، معلنةً موافقتها السماح للرحلات الإماراتية من وإلى دولة الاحتلال بالتحليق في أجوائها، بعد يوم من إعلان السعودية عن قرار مماثل.
خامساً:
️11 أيلول 2020 كان التاريخ الأسود الذي شهد انضمام البحرين إلى قطيع المطبعين مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكا في لحظة كشفت حقيقة ما كان يدور في الخفاء من تآمر ضد قضايا هذه الأمة وتنكر لكل الحقوق العربية المغتصبة.
رغم أن اليمن أعلنت مراراً وتكراراً أنها تضمن حرية الملاحة البحرية لجميع الدول ، وأنها فقط تستهدف سفن الكيان أو المتعاملة مع الكيان نصرة لأهل غزة ضد العدوان الصهيوني ، إلا أن البحرين بموقفها هذا تعلن نفسها دولة مناصرة للكيان الصهيوني ليس بالبيانات فقط، بل عسكرياً وذلك عبر قبولها بأن تكون جزء من قوة جاءت لحماية الكيان وأدواته في المنطقة مغامرة بالدخول في مواجهة مع دولة عربية لصالح الكيان الصهيوني دون أي اعتبار لضحايا العدوان الصهيوني من الفلسطينيين الذين قاربوا العشرين ألف شهيد حتى الآن.