في سوريا ليس للاستعمار نصيب في البقاء، فكل مستعمر مرّ على أرضها انكوى بنيران أهلها الذين ألهبوا الأرض تحت أقدام المستعمر القديم والمستعمر الحديث.
ورغم استغلال المحتل الأمريكي لما عاشته سوريا من استهداف منذ بدء العقد الثاني لهذا القرن والذي تمكن بفعل تلك المؤامرات التي استهدفت تفتيت الدولة السوريّة وتمدده بالتوغل عبر الحدود العراقية لحماية أدواته في المنطقة بذريعة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي لاتزال بقاياه ضمن مظلة الحماية الأمريكية وقاعدتها الاستراتيجية في التنف تلك المنطقة الحدودية بين العراق وسورية والأردن لقطع خط تواصل سورية مع إقليمها المجاور.
لكن ماهي أهم القواعد اللاشرعية الأمريكية في سوريا؟
ينتشر في سوريا حالياً 28 موقعاً أمريكياً منها 24 قاعدة عسكرية، 4 نقاط تواجد، وبحسب المعلومات فإن هذه القواعد تضم أكثر من ألفي جندي أمريكي، تحت حجة دعم ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية “ميليشيا قسد”، ومنع قيام تنظيم “داعش” من جديد.
وتعدّ قاعدة رميلان في الحسكة أهم القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، تليها قاعدة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، بالإضافة إلى قاعدة تل بيدر، وهي إحدى أهم القواعد الأمريكية اللاشرعية وذلك نظراً لقربها من طريق “M 4” الاستراتيجي، كما تتكامل مع قاعدتي “لايف ستون وقسرك”.
لكن هناك قواعد ذات أهمية خاصة لدى الاحتلال لتمويل تحركاته في مقدمتها حقل العمر، وكذلك قاعدة كونيكو للغاز الذي تتخذه القوات الأمريكية قاعدة عسكرية بريف دير الزور الشرقي وهي الشريان الذي يخفف عبء النفقات الأمريكية لهذا الاحتلال بما يسرقه من نفط وغاز سوري.
الاحتلال وسياسة نهب الثروات..
بعد أن تكشفت أقنعة الاحتلال الأمريكي واستخدامه مكافحة الإرهاب ذريعة يتلطى خلفها لاحتلال الأرض ونهب ثرواتها وتأمين الحماية للكيان الصهيوني تنامت قوى المقاومة في المنطقة لمواجهة هذا الاحتلال بما تملكه هذه المقاومة من عناصر قوة وإرادة.
وزادت حدة هذه الاستهدافات مع بدء عملية طوفان الأقصى وتمادي الاحتلال الأمريكي في تغطية ودعم جرائم الكيان الصهيوني، بحيث تحول استهداف تلك القواعد هو الخبز اليومي لقوى المقاومة التي أمطرت تلك القواعد بالصواريخ والمسيرات التي أصابت الاحتلال الأمريكي بالصدمة من كثافتها ومن عدم قدرته على الرد على مصادرها إلا ضمن حدود ضيقة خوفاً من تحول الوجود الأمريكي في المنطقة بأكملها إلى هدف مشروع للمقاومة التي ضاقت ذرعاً بهذا المحتل.
الانسحاب.. قرار أمريكا أم قرار المقاومة؟!!!
نظراً لحجم الضغوطات التي تعاني منها قواعد الاحتلال تزايد مؤخراً النقاش داخل دوائر صنع القرار في أمريكا حول جدوى البقاء وتكبد الخسائر في منطقة تشهد كل هذا الغليان، وعليه فقد ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أنّ الولايات المتحدة تخطط للانسحاب من سورية، في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
ووفقاً للمجلة تجري مناقشات داخلية في الإدارة الأمريكية لتحديد موعد وطريقة الانسحاب، الذي تسعى لترتيبه على طريقتها بما يضمن الحفاظ على أدواتها في المنطقة عبر تهيئة مليشيات قسد لخلق بيئة تعاون وحوار مع الدولة السورية كحل يضمن بقائها.
وحسب ما أوردته المجلة فقد سعت كعادة الإعلام الأمريكي إلى تبرير نية الانسحاب بإتمام مهمة “العم سام” في المنطقة وبتصريحات باهته بأن البيت الأبيض لم يعد مهتماً بالمهمة العسكرية في سورية.
الاحتلال في سورية هو كارثي لمصالح أمريكا التي أدركت أن الأرض باتت تهتز من تحتها وأن محور المقاومة خلق ألف طريقة وطريقة لتعزيز تواصله، وأن تقطيع أوصال الجغرافيا فيما بينهم عاجزة عن قطع أواصر المبادئ والثوابت التي تجمعهم.
قرارٌ بطعم الهزيمة
ولا يخفى على أحد أن قرار انسحاب القوات الأمريكية هو انسحاب بطعم الهزيمة، بعدما تعرّضت القوات الأمريكية في العراق وسوريا لأكثر من 130 هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيّرة من قبل فصائل المقاومة العراقية خلال الأشهر الماضية، إسناداً للمقاومة في غزة، بينها هجوم صاروخي تعرّضت له السفارة الأمريكية في الثامن من كانون الأول الفائت، وسبق أن أفضت ضربات المقاومة إلى انسحاب القوات الأمريكية من قاعدة “هيموس” العسكرية في مدينة القامشلي، والتي تُعَدّ من القواعد الحيوية بالنسبة إلى القوات الأمريكية، وهو ما يفتح الباب أمام انسحابات متتالية في حال استمر العمل الميداني المقاوم.
وتصاعد المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي هو تأكيد لمقولة أعلنتها سورية منذ غزو العراق عام 2003 حين صرحت أن هزيمة المشروع الأمريكي في المنطقة مصلحة سورية وعربية، وها هي بشائر هذه الهزيمة لجحافل الاحتلال تلوح في الأفق، وسيكون له ما بعده.
فمن أجبر هذه القوات على الرحيل ستمتد نظره إلى احتلال آخر في الجوار لن يطول به الحال حتى يحزم حقائبه ويحمل عصاه ويرحل كما رحل سابقوه؟؟؟