أخبار حلب _ سوريا
بقلم : الدكتور فضيل حلمي عبد الله
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية منذ أواسط القرن الماضي على وسائل الإعلام كأداة في التوجه إلى شعوب العالم عبر خطاب سياسي مدروس يخفي الكثير من نواياه ويتم الإعداد له في أوراق البنتاغون والغرف السرية المركز الاستخبارات الأمريكية “السي اي إيه” وذلك مرتبط بما تستدعيه المصلحة والفائدة العائدة من هذا البلد أو ذاك.
وبذلك فهي تخصص مبالغ كبيرة لدعم العديد من وسائل إعلامها المرئي والمسموع تحت غطاء ما يسمى الديمقراطية، وحرية التعبير لكثير من المحطات الإعلامية المعمولة، ونجد منها ما هو موجه إلى منطقة الشرق الأوسط وباللغة العربية حيث كان أول بث أمريكي موجه باللغة العربية عام 1942 عبر ما عرف “بصوت أمريكا” وخصصت المنطقة العربية بعدة محطات إذاعية وعدد من وسائل الإعلام الأخرى وهو ما أثر على المشاهد العربي سلباً أكثر منها بكثير مما أثرت إيجاباً.
حروب وقعت وحروب تقع، وهيمنة وخطط استعمارية وضعت للسيطرة على العالم والعالم العربي بشكل خاص؛ أدوات متتالية وحربية متنوعة وضع على رأسها “الإعلام” فهو بداية تمهيدية لحرب، بل لحروب تشن والتحكم في ردود فعل الرأي العام هو أحد أهم شروط شن حرب لغرض الهيمنة وتحقيق الغاية ولأن المعايير الاقتصادية والعسكرية ليست في حد ذاتها قوة إذا ما قورنت بالقوة الأيديولوجية؛ فمن يمتلك القوة في ذلك هو من يستطيع التحكم في مصير العالم واستغلاله لأهداف اقتصادية وسياسية وإيديولوجية.
ورغم التطور الإعلامي فإن فرص التضليل والكذب والمبالغة وإخفاء الحقائق بقي متاحاً لأطراف تسعى لترسيخ قناعات أو خلق ظروف معينة تؤثر على مجريات الأمور، والحقيقة في عصرنا هي كما وصفها إعلاميون “أولى ضحايا الحرب”، وكما هي الاستراتيجية الأمريكية التي ترتكز على الحرب النفسية والدعاية والإعلام؛ فإنها تسخر كل الوسائل والأدوات الإعلامية المتاحة بكل الطرق الممكنة لخدمة أهدافها حيث تنفق على الدعاية الخارجية نحو سبعة مليارات دولار سنوياً من أجل تنفيذ سياستها العدوانية الخارجية؛ منها في منطقة الشرق الأوسط خاصة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية وهذا واضح تماماً من خلال دعم للكيان الصهيوني وللمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا.
وبنظرة إلى ما يمثله اللوبي الصهيوني الرأسمالي اليهودي، نجد أنه مسيطر بشكل تام على أكثر ما يقارب 75% مما تمثله وسائل الإعلام الأمريكي؛ هذا إذا ما استثنينا سيطرته على وسائل إعلام عربية ولو بشكل غير مباشر.
هذه هي الحكومة أو الإمبراطورية أو الإمبريالية الإعلامية في الوقت الراهن وهي كما الشبكة العنكبوتية تعمل على مدار الساعة في أرجاء الساحة الدولية والقوة العظمى لمن يمتلكها، وكما نعلم تماماً أن معظم الحروب التي شنتها وتشنها الولايات المتحدة الأمريكية سواء في القارة الأمريكية ك “بنما” أو القارة الإفريقية ك “الصومال” أو آسيا ك “العراق وسورية وليبيا وأفغانستان”؛ التي اعتمدت بشكل رئيسي على الإعلام لشحذ الرأي العام الأمريكي وكمطلب للدعم من الدول الغربية والأوروبية.
وإذا أردت أن تعلم كيف أن الإعلام العربي تحت هيمنة الغرب فانظر إلى الشارع العربي لترى من منهم يتحدث عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والجولان العربي السوري، ومناطق من الأراضي العربية في الأردن، وشمال سيناء المصرية، وبدعم مباشر غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهذا معروف ومشاهد للجميع الذي يصفهم بذلك، بل أصبحت بعض الدول العربية تعترف بدولة الاحتلال الصهيونية، وفتحت معها علاقات دبلوماسية، وتبادل تجاري وتنسيق أمني، وتطبيع سياسي، و ثقافي أوصل إلى العمل الدرامي هكذا هي أصبحت الصورة كما هو في الإعلام العربي ولا يزال وليس على الغرب تقع المسؤولية فهذه هي ثقافتهم وأخلاقياتهم أما نحن في المحور المقاوم فإن أخلاقنا وديننا ومبادئنا ووعينا وثقافتنا غير ذلك تماماً.
فأين هم من أخلاقهم ودينهم؟ هذا إعلامهم الغربي ومعه الإعلام العربي الرجعي المنبطح الذي يتغنون به باسم “الإسلام” ولا حجة لهم في ذلك وإن أراد الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية غزونا عسكرياً فقد أمنوا أن هيمنوا على المنطقة العربية درامياً وفكرياً وإعلامياً قبل ذلك