أخبار حلب _ سوريا
“10 سنين لشفت هذا القمر” من منا لم يذرف دموعه وهو يسمع هذه العبارة من الأم الفلسطينية المكلومة “رانيا أبو عنز” التي وأد الاحتلال الإسرائيلي فرحتها بصاروخ حاقد بعد انتظار دام أكثر من عقد.
التوأم الذي وضعته رانيا في مخاض مبكر وقتله الاحتلال مع والده لم يكن كافياً ليوقظ ضمائر العرب النائمة، أو يكون سبباً في إصدار قرار يردع الكيان الصهيوني عن جرائمه، فالمشهد أصبح اعتيادياً ولم يعد له أي وقع على أعراب الأمة فصارت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.
أجمل الأمهات ..
الأم الفلسطينية ليست ككل الأمهات، فهي تعيش أسوأ ما يمكن لعقل أن يتخيله، وتختبر بأبشع أنواع العنف والقهر، حيث يستشهد أبنائها أمام عينيها وتلملم أشلائهم بنفسها، وتعيش مخاض الولادة وسط الموت الذي يحيط بها من كل جانب، ويتساءل كثيرون أين القانون الدولي الذي كفل حقوق المرأة بشكل عام وأولى اهتماماً بالأمهات والحوامل بشكل خاص؛ أين هو من الجرائم التي ترتكب بحق أمهات فلسطين وعلى مرأى عدسات الإعلام؟
الاحتلال الذي قصف متعمداً مستشفيات وأقسام الولادة وقطع الأوكسجين عن عشرات الأطفال الخدج دون أن يرف له جفن أو يرأف بحال أمهاتهم، ذاته اعتقل مئات الأمهات وأبعدهن عن أطفالهن لسنوات وعذبهن بشتى أنواع العذاب وذاته قتل أكثر من 9 آلاف امرأة منذ إعلان العدوان على قطاع غزة في 7 أوكتوبر.
وهناك بيانات توثق قيام الاحتلال الصهيوني بإعدامات ميدانية لنساء حوامل كن يرفعن الرايات البيضاء وهن في طريقهن إلى مشفى العودة، إضافة لتوثيق 60 ألف حامل يعانين سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية بسبب الحصار الصهيوني.
في فلسطين فقط يمكنك مشاهدة أم تشارك الرجال في حمل نعش ابنها الشهيد وتصدح بالتكبيرات في تجسيد لأعظم آيات الصبر والإيمان وهي تقدم نموذج الأم الصابرة المحتسبة، ويمكنك مشاهدة أم تحمل طفليها ومتاعها في نفس الوقت وهي تنزح بهما بعيداً عن قذائف الغدر الصهيونية وتتحمل مشقة المسير وكأنها جبل صبر.
لأمهات سوريا نصيب من الألم
نشًطت آلام أمهات فلسطين ذاكرة الحزن والمعاناة لدى السوريين الذين ذاقوا نفس طعم القهر الذي يتجرعه الفلسطينيون اليوم، حيث كان للمرأة السورية نصيب كبير من هذا القهر والحرمان على مدى سنوات الحرب التي كانت بفعل العدو الصهيوني ذاته الذي ينكل بالفلسطينيين وإن كانت في سوريا بالوكالة.
ولم تدخر الأمهات السوريات أبنائهن بل قدمن فلذات أكبادهن كرمى لعيون الوطن فهو الأم الأولى والخصبة التي لم تبخل على أبنائها يوماً، واليوم تفتقد كثير من الأمهات السوريات أبنائهن في عيد الأم ويحرمن من سماع كلمة “ماما” ومن احتضان أبنائهن.
واليوم في عيد الأم تمتزج في قلوبنا مشاعر الحزن على أمهات الشهداء الثكالى، بمشاعر الفخر بما قدمن من عطاء، بمشاعر خذلاننا لهن، نحن العاجزون أمام ما يمتلكن من صبر وإرادة.
كلما هدموا فينا الحياة هناك أم تبنيها
لطالما شدتنا كلمات الشعراء العاطفية التي تغنت بالأم والتي يغلب الحزن على كلماتها، فنرى كمية الدفء في كلماتهم وهي تغنى بشجن.
لتعود فيروز على وقع خطى الحب للأم بصوتها الملائكي لتغني “أمي يا ملاكي يا حبي الباقي إلى الأبد، ولم تزل يداك أرجوحتي ولم أزل ولد” ، ولكن حتى الأغاني لا تشبه قلب الأم التي تعطي منذ اللحظة الأولى دون مقابل، بدافع الحب الفطري والأمومة الفطرية و تقدم أقصى ما يمكن لأجل أولادها الذين مهما كبروا سيظلون أطفالاً في عيونها ويكفي من الدين أن جعل الجنة تحت أقدام الأمهات وهذا أقصر الطرق نحو الله حتماً.
عيد الأم هو يوم تفرح فيه الأمّهات وتحزن به من حُرِمن هذه النعمة، ومن توفّى أولادها في مهدهم الذي تحوَّل للحدهم. هو يومٌ قاسٍ لكثر وعزيز على أخريات فليدم الله نعمة الأمهات في البيوت، فمهما كبرنا سنظل بحاجة إلى أحضان أمهاتنا ليجبرن ما كسرته الحياة في أرواحنا، ويمهدن بأيدهن المجعدة على رؤوسنا ليمسحن آلامنا وهمومنا.