تعرضت سوريا لكثير من الحروب التي هدفت لتدمير وحدتها واستقلاليتها لكن صمود الجيش السوري وتماسكه وبسالته في ميدان القتال ونجاحه باحتواء كلّ أنواع الحروب الإرهابية التي كان هدفها تدميره، ومن ثمّ نجاحه في الانتقال إلى تطوير قدراته ووسائله القتالية وتحقيق الانتصارات على جيوش إرهابية تدرّبت على أحدث أنواع القتال وزُوّدت بأحدث الأسلحة وحظيت بالدعم من دول الاستكبار العالمي مالياً وسياسياً ودبلوماسياً.
وقد شكّل ذلك مفاجأة لكلّ الدول المعتدية على سوريا وأثار التساؤلات لدى الكثير من المحللين والخبراء والأكاديميين العسكريين والمراقبين بشأن سرّ هذه القوة والقدرة التي يمتلكها الجيش السوري رغم ما تعرّض له من ضغوط كبيرة ومهولة إنْ كان على مستوى الميدان والقتال على مئات الجبهات في نفس الوقت، أو على مستوى مناعته في مواجهة الإغراءات المالية والحرب النفسية والإعلامية لإحداث الانقسام في صفوفه والنيل من عزيمته وتصميمه على الدفاع عن وحدة وسيادة واستقلال سوريا.
نيران سوريا تسقط F16 أمريكية الصنع
حيث استطاعت سوريا خلال فترة الحرب من التصدي لجميع أنواع الاعتداءات حيث أسقطت طائرة حربية إسرائيلية (F16) الأمريكية الصنع وذلك أثناء عودتها من غارة على الأراضي السورية يوم 2018\2\10 وكانت ضربة موجعة لسلاح الطيران الصهيوني حيث أعادت إلى ذاكرته الخسارة الفادحة التي مني بها طيران الاحتلال في حرب تشرين التحريرية عام 1973.
إن إسقاط الطائرة شكل إسقاط الكيان وكسر هيبته ولم يكن الأمر مجرد سقوط طائرته فقط بل سقوط معادلة حاول فرضها باستباحة الأجواء السورية التي باتت محرمةً على طائراته وإن استمر عدوانه الصاروخي من خارج الحدود.
وكان قد اعترف مسؤول إسرائيلي إن الطائرة من طراز F16 أصيبت بصاروخ سوري مضاد للطائرات لدى عودتها من المهمة وسقطت في منطقة خالية قرب هردوف شرقي حيفا في شمال الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف زاعماً أن الطائرة كانت ضمن ثماني طائرات إسرائيلية على الأقل أرسلت رداً على ما وصفته إسرائيل بتوغل طائرة إيرانية دون طيار في مجالها الجوي في وقت سابق من نفس اليوم، في حين رفضت إيران الرواية الإسرائيلية للأحداث ووصفتها بأنها “سخيفة”.
وقال مصدر عسكري إن إسرائيل هاجمت قاعدة لطائرات دون طيار في وسط سوريا لكنه نفى دخول أي من طائراته دون طيار المجال الجوي للاحتلال الإسرائيلي.
وكان حزب الله قد أشاد بيقظة الجيش السوري الذي تصدى ببسالة للطائرات الإسرائيلية المعادية، وقال إن “هذا الأمر يعلن عن بداية مرحلة استراتيجية جديدة تضع حداً لاستباحة الأجواء والأراضي السورية”، وهو الحدث الذي شكل علامة فارقة في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي الذي فقد طائرته الأولى منذ إسقاط طائرة مقاتلة عام 1982 فوق لبنان والتي اختفى من وقتها الطيار الإسرائيلي “رون أراد” .
صمود الجيش الأسطوري يلقن الأعداء دروساً
وصمد الجيش السوري صموداً أسطورياً وقدّم نموذجاً في الدفاع عن الوطن والتضحية والفداء ولم تنجح الحملات الإعلامية الممنهجة والمركّزة في النيل من معنوياته أو إضعاف إيمانه في مواصلة القتال ودحر الإرهاب، ولم تفلح جميع الإغراءات التي انهالت على ضباطه وجنوده في دفعهم للتخلي عن دورهم الوطني في الدفاع عن وطنهم، وبرهن على أنه يتمتع بمستوى عالٍ من الوطنية.
قد فاجأ الأعداء في قوته وانتمائه فهم كانوا يعتقدون واهمين أنّ الجيش السوري لن يصمد طويلاً وأنه سوف يتخلى عن قيادته وعن القيام بواجبه في حماية وحدة واستقلال سوريا ومواجهة المخططات التي تستهدف تقسيمها وتفتيتها وتحويلها إلى لقمة سائغة في فم القوى الصهيونية والغربية الاستعمارية، ومثل هذا الصمود البطولي أسهم في إحباط هذه المخططات وعزز قوة التصدّي لكلّ الضغوط ومحاولات رفض الحلول السياسية المشبوهة الهادفة إلى التدخل في شؤون سوريا الداخلية وإفقادها استقلالها الوطني.
ختاماً:
هذا الصمود أصاب الغرب بصدمة حيث أنه لا يمكن لأي جيش أن ينجح في مواجهة حرب إرهابية كونية من دون أن يكون لديه جاهزية قتالية وبنية متماسكة وقيادة واعية… وهي أمور من الصعب أن تتوافر فجأة في لحظة المواجهة والحرب فهي تحتاج إلى سابق إعداد وعملية بناء مديدة متعدّدة الجوانب، وهو ما لم يدركه صنّاع القرار في واشنطن مما جعل معهد كارنيغي يعترف بأنّ صمود الجيش السوري وقدرته على الإمساك بالأرض التي تتسم بأهمية حيوية كانت بنظره «مفارقة غير متوقعة»
وهذا الكلام يحمل في طياته إقراراً لا لبس فيه بعدة نواحي تعكس سوء التقدير والصورة الخاطئة المرسومة في أذهان صنّاع القرار في واشنطن والعواصم الغربية عن الجيش العربي السوري.