الإعلامي: أديب رضوان
رغم أنها سياسة إسرائيلية “غير مفاجئة” للرأي العام، إلا أن شهادات خرجت من خلف جدران معتقلات الاحتلال وُصفت بـ”الصادمة”، أكدت أنه “نظام فصل عنصري”، شهادات رواها معتقلون فلسطينيون من قطاع غزة، ممن أفرج عنهم مؤخراً، وثقت جرائم يندى لها جبين الإنسانية بحق الأسرى الفلسطينيين، و دونت سطراً جديداً في سجل كيان الاحتلال الإسرائيلي الأسود، وكشفت انتهاك قدسية النفس الإنسانية على يد قوات الاحتلال، ناهيك عن الضرب بالقوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط.
ما وراء جدران سجون الاحتلال
شهاداتٌ تؤكد المؤكد بأن كيان الاحتلال الإسرائيلي، عنصري وقائم على انتهاك القواعد والقوانين الدولية، إذ تلقى المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان شهادات صادمة من أسرى ومعتقلين فلسطينيين أفرج عنهم حديثاً من سجون الاحتلال الصهيوني.
الشهادات روت كيف كان جيش الاحتلال يأتي بمجموعات من المستوطنين الصهاينة إلى المعتقلات التي يستخدمها لاحتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة؛ بغرض تمكينهم من مشاهدة جرائم التعذيب التي تُمارس ضدهم ومتابعتها، فيما سُمح للعديد منهم بتصويرها على هواتفهم الخاصة.
ادعاءات إسرائيلية للتضليل.
وفي محاولة من كيان الاحتلال للادعاء لتضليل الرأي العام الداخلي والخارجي، حاولت قوات الاحتلال عبثاً تصوير المفرج عنهم بأنهم يتبعون لفصائل المقاومة الفلسطينية حماس أو غيرها ممن شاركوا في عملية “طوفان الأقصى”، حيث روى أحد المفرج عنهم بأن قوات الاحتلال تعمدت عرضهم أمام المستوطنين “الإسرائيليين” والادعاء بأنهم مقاتلون يتبعون لفصائل المقاومة الفلسطينية، وأنهم شاركوا في عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول عام 2023، وتصوير الأمر على أنه إنجاز إسرائيلي بالقبض على المشاركين بهذه العملية.
وحسب الشهادات فإن مجموعات من المستوطنين “الإسرائيليين” سُمح لهم بمشاهدة، وتصوير الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المجردين من ملابسهم أثناء قيام جنود الاحتلال بضربهم بالهراوات المعدنية، وعصي الكهرباء وصب الماء الساخن على رؤوسهم؛ بالتوازي مع شتائم وإهانات لفظية وتهديدات للمعتقلين.
اعتقال تعسفي
كشفت شهادات الفلسطينيين المفرج عنهم ما تبقى من “عورة وجه” الاحتلال، وربما هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذه الممارسات غير القانونية بتنفيذ التعذيب على مرأى من المستوطنين والسماح بتوثيقها، لتضاف هذه الجريمة الموصوفة إلى جرائم كيان الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين وبحق الشعب الفلسطيني برمته منذ قيام هذا الكيان الغاصب على الأرض الفلسطينية وحتى يومنا هذا، ناهيك عما يقوم به من عدوان متواصل ضد قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي مخلفاً عشرات آلاف الشهداء، والضحايا والدمار.
الفلسطيني “عمر أبو مدللة” ويبلغ من العمر “43 عاماً” قال في شهادته “تم اعتقالي بشكل تعسفي من الحاجز المقام بالقرب من دوار الكويت الذي يفصل مدينة غزة عن المنطقة الوسطى، ضمن حملة اعتقالات عشوائية كانت تتم بناء على هيئة الأشخاص وأشكالهم، وقد تعرضت لتعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال التي استمرت لحوالي 52 يوماً”، مشيراً إلى أن جنوداً “إسرائيليين” جلبوا مستوطنين ليشاهدوا تعذيبنا عاريين”.
وفي سياق كلامه أشار أبو دلة إلى أن هذا الأمر حدث معه عدة مرات أثناء احتجازه في أكثر من معتقل إسرائيلي، حيث كانوا يدعون أننا من مقاتلي “حماس” الذين نفذوا عملية طوفان الأقصى بهدف إيهام المستوطنين بتحقيق إنجاز باعتقالنا، وهذا أمر عار من الصحة، رغم أننا نفخر بمقاومتنا وانتمائنا لهذه البيئة الحاضنة لها داخل قطاع غزة.
شهادة فلسطيني آخر أكد فيها أنه تعرض للتعذيب أمام قطعان المستوطنين بهدف تصويرنا بهواتفهم الخاصة وعرضها من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً موقع “التيك توك”؛ بهدف الاستثمار سياسيا بمعاناتنا على أنها إنجاز إسرائيلي نوعي في سياق الحرب النفسية التي يقوم بها الاحتلال، مع عجزه عن تحقيق أي هدف من عدوانه المتواصل على قطاع غزة.
جرائم حرب وفق نظام روما.
جرائم إسرائيلية ليست بالجديدة رغم فظاعتها إلا أنها، شهادات حية يجب أن تأخذ بها المنظمات والمحاكم الدولية مأخذ الجد، فهي مترافقة مع عدوان همجي متواصل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، حيث آلة الحرب الاسرائيلية لا تتوقف عن حصد الأرواح والممتلكات.
ممارساتٌ عنصرية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقاً لنظام روما الأساسي، مع تحويل قوات الاحتلال لهذه الممارسات إلى فقرات “استمتاع للمستوطنين”، وتصويرهم، فإن الأمر ينطوي على اعتداء خطير على كرامة هؤلاء الأشخاص، ومعاملتهم معاملة مهينة، مما يشكل بحد ذاته جريمة حرب تندرج وفق “مراكز حقوق الإنسان” في إطار ترويج مزيف لرواي “إسرائيلية”، ويكرس من حالة التطرف، ويغذي الكراهية ويؤجج لمزيد من ارتكاب الجرائم والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
كما أن ممارسات الاحتلال آنفة الذكر تحديداً تنطوي على مخالفة واضحة للمواثيق والأعراف الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بما في ذلك حظر قيام سلطة الاحتلال بنقل الأسرى من الأرض المحتلة إلى مراكز الاحتجاز في أراضيها، أو إخفائهم قسرياً، أو تعذيبهم، أو الاعتداء على كرامتهم، أو معاملتهم معاملة تحط من كرامتهم الإنسانية.
في المحصلة
تبقى هذه الشهادات، والروايات والوثائق؛ برسم المنظمات الدولية المعنية بحماية حقوق الانسان الدولية، وتكشف بما لا يدعو مجالاً للشك وخصوصاً للرأي العام الغربي، والدول الداعمة للكيان الصهيوني، بأن هذا الكيان خارج عن القانون الدولي والإنساني، وأن قوات الاحتلال لم تترك جريمة إلا وارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني، وهي برسم تلك المؤسسات التي يجب عليها التحرك للجم هذا الغول المتوحش في المنطقة الذي يهدد استقرار المنطقة والعالم برمته.
كما تؤكد أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم سوى لغة القوة التي تختزلها المقاومة الوطنية بالمنطقة؛ حيث أثبت خيار المقاومة نجاعته في سياق الصراع مع هذا الكيان الغاصب، ولعل تجربة لبنان وتحرير الجنوب عام 2000، بفضل بسالة وتضحيات رجال المقاومة اللبنانية، التي أنجزت تحريراً للأرض والكرامة العربية بدحر الاحتلال عن أرض الجنوب، وأسست لتاريخ جديد، بالمنطقة ومعادلة ردع جديدة بوجه عدوان متغطرس، لم تردعه بيانات الإدانة أو الاستنكار العربية والدولية عن ممارسة كل المحرمات والجرائم الدولية، فيما كان لخيار المقاومة الأثر البالغ على كينونة كيان الاحتلال؛ حيث أثبتت المقاومة أنه “أوهن من بيت العنكبوت”، كما قال سيد المقاومة الوطنية اللبنانية السيد حسن نصرالله.